المصطلحات و الشخصيات في التاريخ و الجغرافيا للسنة الثالثة ثانوي

الأزمات الدولية في ظل الصراع بين الشرق والغرب


الأزمات الدولية في ظل الصراع بين الشرق والغرب

شعبة آداب وفلسفة، شعبة لغات أجنبية ـ شعبة تسيير واقتصاد

التمهيد الإشكالي:
إن الاختلاف الإيديولوجي بين الشرق الشيوعي والغرب الرأسمالي تحول إلى تنافس اقتصادي وسياسي وعسكري جربت خلاله مختلف أنواع الأسلحة وتحول الصراع إلى تصادم بين القوتين العظيمتين لإظهار قدراتهما وسعيهما للهيمنة على العالم والسيطرة على مناطق النفوذ وتحقيق مصالحهما القومية.
حقيقة الصراع:
الصراع بين الشرق والغرب ليس إيديولوجيا فقط كما يبدو في ظاهره فالمصالح والرغبة في الهيمنة وبسط النفوذ هي التي تحرك الطرفين والدليل على ذلك الإستراتيجيات المستخدمة في هذا الصراع.
خريطة الأزمات الدولية:
أزمة برلين (1948 - 1949):
قسمت ألمانيا بعد الحرب العالمية الثانية إلى أربع منا طق نفوذ (فرنسا، بريطانيا، الولايات المتحدة الأمريكية) ومنطقة للاتحاد ،السوفياتي وفق ما جاء في مؤتمر بوتسدام 1945، وتتمثل طبيعة الأزمة في الحصار البري الذي فرضه الاتحاد السوفياتي على برلين الغربية في 23 جوان 1948 والتي دامت 11 شهر وانتهت بفشله في تحقيق جميع أهدافه، ومن أسباب هذه الأزمة نية الحلفاء إعادة بعث دولة ألمانيا في القسم الغربي وهذا ما جاء به مؤتمر لندن المنعقد في جوان 1948 وشاركت فيه كل من الولايات المتحدة الأمريكية، بريطانيا، فرنسا، هولندا، بلجيكا، ولوكسمبورغ، ورغبة ستالين في خروج الحلفاء من الجزء الغربي لبرلين لأن وجودهم بمثابة الشوكة في قلب ألمانيا الشرقية، ومركز متقدم لجوسيس وكالة المخابرات.
رد فعل الحلفاء:
لفك الحصار المفروض على برلين الغربية أقام الحلفاء جسرا جويا في 23 جوان 1948 تعداده ألف طائرة لتموين سكان برلين الغربية بالمواد الاستهلاكية بمعدل 8 ألف طن يوميا.
نتائج الأزمة:
- تأسيس الحلف الأطلسي 4 افريل 1949.
- تكريس الانقسام بقيام دولتين هما ألمانيا الغربية الاتحادية RFA23 ماي 1949 برئاسة كونراد اديناور وعاصمتها بون، وألمانيا الديمقراطية RDA7 اكتوبر 1949 عاصمتها برلين.
أزمة برلين الثانية 1961:
تتمثل في بناء جدار عازل بالاسمنت المسلح حول برلين الشرقية والذي سمي جدار العار، وسبب دلك رفض الحلفاء المقترح السوفياتي سنة 1958 جعل مدينة برلين مدينة حرة، وبعد فشل قمة خرتشوف كنيدي في جنيف 1959 تم بناء أسوار من الاسمنت المسلح ارتفاعها نحو ثلاث أمتار في اوت 1961 مما زاد حالة التوتر بين الطرفين.
أزمة كوريا (1950-1953):
تقع كوريا في الشرق الأقصى وكانت قد خضعت للاحتلال الياباني وتعرضت لتقسيم في مؤتمر بوتسدام 1945 اعتمادا على خط وهمي 38° شمالا والانتماء الإيديولوجي، فظهرت في الجنوب جمهورية كوريا وهي رأسمالية عاصمتها سيول في اوت 1948، وفي الشمال الجمهورية الشعبية الديمقراطية الكورية في سبتمبر 1948 عاصمتها بيونغ يونغ، وتتمثل طبيعة الأزمة في كونها حرب حدودية ساخنة بدأت بعبور قوات كوريا الشمالية للخط الوهمي داخل أراضي نظيرتها الجنوبية في جوان 1950 ثم تطورت لتصبح دولية بعد تدخل الولايات المتحدة، ومن أسباب هذه الأزمة سعي كوريا الشمالية توحيد الكوريتين ووجود قوات أمريكية في كوريا الجنوبية، وهذا ما اعتبرته الأولى تهديدا للنظام الشيوعي، وقد نجحت القوات الكورية الشمالية من احتلال سيول في جوان 1950 مدعمة من الاتحاد السوفياتي والصين مما اوجب تدخل الولايات المتحدة مستغلة مجلس الأمن وانطلاقا من اليابان لدعم قوات كوريا الجنوبية وحلت الأزمة بعد وفاة ستالين 1953 بعد أن توجه الطرفين إلى المفاوضات والحل السلمي، ومن نتائج الأزمة:
- تشكيل القوات الأممية (القبعات الزرق).
- عودة الأوضاع في المنطقة إلى حدود جوان 1950.
- ترسيخ فكرة تقسيم كوريا.
- جسامة الخسائر البشرية.
أزمة السويس:
تمتد قناة السويس من بور سعيد على البحر المتوسط إلى منطقة السويس على البحر الأحمر، ويبلغ طولها 173 كلم وعرضها 190م وعمقها 20م، وتتمثل طبيعة الأزمة في العدوان الثلاثي على مصر (بريطانيا، فرنسا، إسرائيل) وهذا بعد تولي جمال عبد الناصر زمام السلطة في مصر عام 1954 وسعيه إلى التخلص من التواجد الأجنبي داخل بلاده
ففي 1955 قرر عبد الناصر بناء السد العالي باسوان على نهر النيل لكن البنك الدولي للإنشاء والتعمير وبإيعاز من الولايات المتحدة الأمريكية رفض منحه القرض المقرر منحه لمصر من اجل بنائه وتهدف الولايات المتحدة الأمريكية إلى تصفية الوجود الثوري في مصر، وقد قرر عبد الناصر تأميم قناة السويس 26 جويلية 1956 فكان العدوان الثلاثي على مصر 29 اكتوبر 1956 من اجل الإطاحة بجمال عبد الناصر، واثر هذا الاعتداء وجه الاتحاد السوفياتي إنذارا للمعتدين بالانسحاب وإلا سيضرب كل من باريس ولندن وتل أبيب فتدخلت الولايات المتحدة الأمريكية مقنعة الدول الأخيرة بوقف العدوان 6 نوفمبر 1956 واصدر مجلس الأمن قرار بانسحاب القوات المعتدية من المنطقة، ومن نتائج هذه الأزمة:
- نهاية النفوذ البريطاني في مصر.
- التقارب السوفياتي المصري وبناء السوفيات السد العالي.
- تبني الولايات المتحدة الأمريكية مشروع ايزنهاور 1957 (سياسة ملء الفراغ) لضرب الحركات التحررية ومساعدة إسرائيل ومحاصرة السوفيات في الشرق.
الأزمة الكوبية (أزمة الصواريخ السوفياتية 1962):
تقع كوبا في بحر الكريبي على بعد 135 كلم فقط من سواحل فلوريدا الأمريكية، تحول النظام فيها إلى الشيوعية مند عام 1959 الأمر الذي اغضب الولايات المتحدة بعد تولي فدال كاسترو زمام الحكم وأشعرها بقرب التهديد الشيوعي منها، ففي ماي 1960 أقام كستروا علاقات دبلوماسية كاملة مع الاتحاد السوفياتي وفي اوت من نفس السنة قام بتأميم الشركات الأمريكية وفي جانفي 1961 قطع علاقته مع وشنطن مما دفع الرئيس الأمريكي جون كنيدي إلى تدبير عملية خليج الخنازير 17 افريل 1961ودعم المعارضة لإسقاط النظام الشيوعي وعقب هذا العمل طلب كسترو الدعم من الاتحاد السوفياتي الذي أرسل بعثة عسكرية وتقنية وانشأ السوفيات منصات صواريخ نووية موجهة نحو المدن الكبرى في الجنوب الشرقي من الولايات المتحدة الأمريكية 1962، وفي أكتوبر اكتشفت طائرات التجسس الأمريكية هذه القواعد واشتدت الأزمة بين الولايات المتحدة والاتحاد السوفياتي وأصبحت تهدد بنشوب حرب نووية، وفرض جون كنيدي الحصار على الجزيرة 22 أكتوبر 1962 فحرك خرتشوف أسطوله الحربي لفك الحصار 24 اكتوبر 1962 ولاحت في الأفق ملامح اندلاع حرب عالمية نووية فتدخل مجلس الأمن لتنتهي الأزمة بالطرق السلمية الدبلوماسية، وكان من نتائج هذه الأزمة:
- سحب الصواريخ النووية من كوبا 28 اكتوبر1962.
- رفع الحصار البحري على كوبا 20 نوفمبر1962.
- سحب الصواريخ الأمريكية من تركيا افريل 1963.
- إنشاء الخط الهاتفي الأحمر الذي يربط بين العاصمتين موسكو وشنطن.
طبيعة الصراع وانعكاساته:
- صراع إيديولوجي بين الشرق والغرب.
- تنافس اقتصادي.
- التسابق من اجل كسب مناطق نفوذ.
- حقيق أطماع استعمارية وقومية.
- صراع من اجل التفوق الاقتصادي واستغلال الموارد.
- صراع عسكري لتجريب مختلف الأسلحة.
الانعكاسات على المعسكرين:
- اشتداد التوتر بين المعسكرين.
- توازن قوى الرعب (تخوف كل معسكر من مواجهة الآخر).
- فشل سياسة الاحتواء (نشاط الحركات التحررية).
- الاستفادة من التطور العلمي والتكنولوجي.
- الخسائر المادية والبشرية (بفعل الجوسسة ...الدعاية).
- ظهور المعارضة داخل المعسكرين.
- اقتناع كل طرف بضرورة إنهاء الصراع.
- إنفاق المعسكرين لملايير الدولارات دون تحقيق أية نتيجة ايجابية.
- ظهور تشقق داخل المعسكر الغربي انتهى بانسحاب فرنسا من الحلف الأطلسي.
- ظهور تشقق دخل المعسكر الشرقي انتهى بانسحاب الصين من الكتلة الشرقية.
- تطور أسلحة الدمار الشامل (بيولوجية، كيماوية، نووية…).
- امتلاك كل طرف القدرة على تدمير نصف الكرة الأرضية.
الانعكاسات على دول العالم:
- التقارب الافرو أسيوي وظهور حركة عدم الانحياز1961.
- انقسام العديد من الشعوب مثل كوريا – الفيتنام – ألمانيا.
- دعم الإتحاد السوفيتي المباشر للحركات التحررية.
- ظهور الانفراج الدولي (سياسة التعايش السلمي).
- السيطرة على العالم.
- فرض كل نظام لمذهبه السياسية والإيديولوجي.
- السيطرة على دول العالم الثالث.
- استغلال خيرات الدول الضعيفة.
- الهيمنة على دول العالم الثالث بغطاء المساعدات.
- ابراز كل طرف لقواه العسكرية بغية السيطرة.
أثر الأزمات الدولية على الوضع العالمي:
- اقتناع كل طرف بقوة الأخر.
- امتلاك كل طرف لقوة عسكرية جد متطورة.
- تعنت كل طرف من الطرفين المتصارعين وقد نتج عنه ما يلي:
- انقسام ألمانيا إلى شرقية شيوعية وغربية رأسمالية.
- انقسام كوريا إلى الشمالية الشيوعية والجنوبية الرأسمالية.
- انقسام الفيتنام إلى شمالي شيوعي وجنوبي رأسمالي.
- اضطراب الأمن الدولي بسبب الأزمات.
- رغبة الدول حديثة العهد بالاستقلال تجنبا أي حرب جديدة وويلاتها.
- تحالف الدول المحايدة فيما بينها عام 1955.
- ظهور حركة عدم الانحياز وسعيها الحثيث لتقريب وجهات النظر بين العملاقين المتصارعين بهدف تحقيق امن الجميع.
الاستخلاص:
إن حدة الصراع والنزاع الذي وقع بين المعسكرين الشرقي الشيوعي والمعسكر الغربي الرأسمالي كاد أن تؤدي في عدة مرات إلى اندلاع حرب ساخنة بين الطرفين، إلا أن تيقن كل منهما في عدم قدرته في التغلب على الآخر دفعهما إلى التفاهم واللجوء إلى حل النزاعات بينهما بالأساليب الدبلوماسية بدلا من القوة العسكرية، وظهرت بذلك سياسة جديدة في العلاقات الدولية تحمل معها انفراج لكل القضايا العالقة من قبل.

للمزيد من الدروس يرجى زيارة موقعنا :

أكادمية البكالوريا في الجزائر